عمر بن الخطاب والشعراء

عمر بن الخطاب والشعراء
حسن سلامه



كان عمر بن الخطاب شديدا على المسلمين قبل اسلامه متعصبا لدينه وقد اسلم بعد ان قرأ القرءان الكريم فوقع في قلبه واثر في نفسه وعلم انه ليس من كلام البشر بل من الله سبحانه وتعالى وقد خضع الفاروق لبلاغة القرآن وروعته فكيف لا وهو ذاك العربي الاصيل الذي عاش بين الشعراء والفصحاء وسمع شعرهم واوزان كلامهم وبلاغتهم ورغم محبته للشعر والشعراء الا اننا نستطيع ان نجزم انه رضي الله عنه لم يقل الشعر لكنه وكما تقول الروايات كان معجباً بالشعر وبعض الشعراء بل وكان ينشد الجميل من الشعر في بعض الاوقات ومما يؤكد ذالك حينما طلب من الشاعر متم بن نويره الذي قال في رثاء اخيه مالك :
وكنا كندمائي جذيمة حقبة
من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
فلما تفرقنا كأني ومالكا
تطول اجتماع لم نبت ليلة معاً
فقال له عمر بن الخطاب يا متمم لو كنت اقول الشعر لا حببت ان اقول في زيد بن الخطاب مثل ما قلت في اخيك .
وعلى الرغم من انشغال الفاروق عمر بن الخطاب في امور المسلمين والفتوحات الاسلامية وترتيب اوضاع المجتمع الاسلامي من انشاء الدواوين وبناء الامصار المجتمع الاسلامي في الصحف الا انه كان يجب ان يسمع شعر وهير بن ابي سلمى المزني ثالث فحول الطبقة الاول من شعراء الجاهلية واعفهم قولا واوجزهم لفظا واغزرهم حكمة واكثرهم تهذيباً للشعر زهير هذا الذي مات قبل البعثة بسنة كان مؤمنا بالبعث والحساب كما يبدوا من قوله :
فلا تكتمن الله ما في نفوسكم
ليخفى ومهما يكتم الله يعلم
فلا عجب اذن ان نجد الفاروق عمر معجباً بشعر زهير وخاصة في البيت الذي كان يكرره الخليفة عمر وهو:
فان الحق مقطعه ثلاث
يمين او نفار جلاء
ومع ان الخليفة عمر هذا رأى عدم جواز قول الشعر في مسجد الرسول الله صلى الله عليه وسلم اكراماً للمكان , جاء الرد من شاعر النبوة حسان بن ثابت عندما قال الخليفة يا امير المؤمنين لقد انشدته وفيه من هو خير مني ومنك يقصد الحبيب المصطفى محمد صلوات الله عليه وسلامه ومع كل ذالك لم يكن الفاروق عمر يقبل الشعر على علاته بل كان ناقداً لقول بعض ابيات الشعر وخاصة قول الحطيئة
وان جياد الخيل لا تستفزنا
وان جاعلات العاج فوق المعاصم
بل لم يسمح عمر للشعراء بالخروج عن جادة الحق وعن طريق الذي رسمه لهم الحبيب المصطفى رغم محبته للشعر كل ذالك بسبب خرصه على اعراض المسلمين بل ذهب اكثر من هذا حينما اودع الحطيئة هذا السجن وهدده يبقطع لسانه ان هجا احد واشترى منه اغراض المسلمين بثلاثة الاف درهم بعد ان اطلق سراحه حينما استعطفه الشاعر يقوله :
ماذا تقول لافراخ بذي مرخ
زغب الحواصل لا ماء ولا شجر
القيت كاسبهم في قعر مظلمة
فاصفح عليك سلام الله يا عمر
فاطلقه عمر وقال له : اياك والهجاء المقذع فقال له الحطيئة ما المقذع يا امير المؤمنين قال عمر : المقذع ان تقول هؤلاء افضل من هؤلاء فقال الحطيئة انت والله يا امير المؤمنين اعلم مني بمذاهب الشعر
هذا قليل من كثير عن محبة الخليفة للكلام الطيب من القول في الشعر حتى ليروى عنه رضي الله عنه انه قال لابنه يوماً , يا بني انسب نفسك تصل رحمك واحفظ محاسن الشعر يحسن ادبك فانه من لم يعرف نسبه لم يصل رحمة ومن لم يحفظ محاسن الشعر لم يؤد حقاً ولم بغترف أدباً .
وفي النهاية نستطيع القول ان الخلفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان ذواقاً للشعر محباً له في حدود الادب الديني الذي يحفظ الدين زيحفظ للانسان كرامته وعزته وليبقى الشعر العربي دائماً وابدا هو لسان العرب وانهم احسن الناس شعراً .